نزول المرأة إلى ميدان العمل :
لقد اهتم الإسلام بالمرأة ، وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة ، ورفعها إلى مصاف الرجال ، فهي مع الرجل في جميع ميادين الحياة .
لم يرد في النصوص الشرعية المعتبرة ، والتي يعتمد عليها ، ما يحرم على المرأة أن تعمل وتكتسب ، ولا ما ينفي وجودها في ميادين العمل .
ليس من التعاليم الإسلامية ولا من قوانين الشريعة السمحاء ، ابتعاد المرأة عن الحياة العملية ، وإنما هو من تضليل المضللين وإسدالهم الستار على الأحكام الشرعية الواضحة في حين لوثت العادات والتقاليد المستوحاة من المجتمعات غير الإسلامية نقاءها وصفاءها ، وأسدلت عليها نقاباً من التشويش والتشويه والتضليل .
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) [النساء : 32 ].
وقال سبحانه وتعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) [ الملك : 15 ]
ولكن إذا أمعنا النظر ، وتصفحنا التاريخ ، نرى أنه عندما غمر بلاد
المسلمين ( الإمبراطورية الإسلامية ) طوفان الجواري والإماء ، واستخدمت هذه الجواري للهو ... والمتعة .و.و.و
في ذلك الوقت اضطر المسلمون الأحرار إلى تمييز المرأة الجليلة الحرة بوضع اجتماعي خاص ، عز لها تدريجياً عن الحياة العملية ووضعها ضمن نطاق خاص بها أيضاً
. أم الواقع التاريخي الذي يثبت مشاركة النساء للرجل في العمل ، فهو واضح ثابت ، من سيرة المسلمين في صدر الإسلام وبدء الدعوة وذلك حين كان المسلمون يلتزمون في حياتهم الأسس والتعاليم الإسلامية ، بشكل صحيح وغير مريب ، فكان أمامهن مجال العمل واسعاً وفسيحاً ومحاطاً بتعاليم الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم ... وضمن نطاق الحشمة والعفة والأدب والدين .
المرأة وتقدمها في العصر الحاضر :
جاء العصر الحاضر ومن حوالي قرن أو أكثر ، أخذت أبواق الدسّاسين والمستهترين والاستعماريين والالحاديين تدق داعية المجتمعات الشرقية وخاصة العربية على المطالبة بحقوق المرأة وبدورها في المجتمعات للفوائد المزعومة .
وكان لتلك الأبواق الأثر الفعّال على الواجهة الاجتماعية ، فتبدلت الحياة وانقلبت الأمور رأساً على عقب . وإذا بالمرأة التي كانت تدير مملكتها الخاصة بها أو دائرتها ، تظهر اليوم إلى المجتمع تناهض الرجل ، وتسلب منه الأعمال والأشغال .
ونتج من جرَّاء ذلك أن توزَّعت الأعمال ، فإذا بالرجل الذي كان يدير الشؤون التي تخصه لم يجد عملاً يشغل به فراغه ، لأن ال******** اللطيف قد استلب منه شؤون عمله الخاصة به وزاحمه عليها .
وهكذا اختلط الحابل بالنابل ، وشاعت الفوضى ، ولم يعد للمرأة العمل بشؤونها الخاصة ولا للرجل العمل بشؤونه الخاصة . وكان للمرأة التقدم على الرجل في ميادين ليس لها أي صلة بها . فتبدلت الأمور وتغيَّرت المقاييس الأخلاقية .
لكن لكل فعل رد ، فقد أحدثت سيطرة المرأة على الكثير من المقدرات رد فعل قوي جدّاً ، في جميع الأوساط العالمية .
وكان من جرّاء ذلك أن تنبه الكثير من المفكرين بهذا الخطر المحدق ، من زجِّ المرأة في بعض نواحي الحياة الاجتماعية . وراحوا ينذرون بني قومهم من سوء العاقبة التي سترافق المرأة من تركها بيتها والتحاقها في معترك حياة ليس للمرأة بها أي فائدة سوى ما ينجم عنها من مضار تورث الندم والخسران .
لا أغالي عندما أقول من أن المرأة من حيث تركيبها الجسماني لا تقوى على كأداء العيش ووعثاء الأعمال ومشاق الأشغال لذلك نراها تتجه دائماً نحو الأعمال التي تتمكن من القيام بها مثل دوائر الصحة والتمريض والتربية والتعليم وأمثالها من الخدمات الإنسانية .
هذه هي الحقيقة ومن يقول غير ذلك فهو مكابر ، مضافاً إلى أن المرأة بخروجها إلى معترك الحياة الشاقة يترتب عليها مضار لا يمكن لأحد إنكارها .
أولاً : تكون قد تركت أولادها عرضة للضياع والمتاهات الأخلاقية .
ثانياً : تكون قد أهملت شؤون بيتها وإدارة مملكتها وجلبت إلى نفسها متاعب هي في غنى عنها .
ثالثاً : زاحمت الرجل في أعماله ، وعند ذلك لا يجد سبيلاً من الركون إلى البطالة ، فتعم الفوضى التي نشاهدها في كثير من البلدان ، ونسمعها من كثيرٍ من الإذاعات .
وأعود فأناشد المرأة المعاصرة وأقول : هل عملها في مشاركة الرجل بالأعمال التي لا تتلائم مع طبيعتها مصلحة لها أو لوطنها أو لأولادها ؟ وأقول لها : هل ان الرجل ندبها أو دعاها لمشاركته في الأشغال اليدوية الشاقة ؟ أو دعاها إلى مساعدته في الأعمال الحربية مثلاً ؟ لأنه عاجز عن القيام بالعمل الذي يخصه ورأى المرأة أقوى منه فاستجار بها ؟ كلا ... إنها أبواق الدسّاسين ، وسموم المستعمرين فيا أختي المسلمة المعاصرة أناشدك بالضمير والوجدان أن تتفهمي الواقع وتسيري في هذه الحياة على الوجه الصحيح ، ولا تقومي بشيءٍ من الأعمال إلا ما يوافق طبيعتك وفطرتك . مع الاحتفاظ بشرفك ودينك وكرامتك ...
متى تنزل المرأة إلى ميدان العمل وكيف ؟
ان الفتاة لها أن تعمل وت******ب ، والمرأة المتزوجة أيضاً ، ولكن المتزوجة يجب عليها أن تحافظ على مهمتها الأساسية ، وهي بناء المجتمع الصالح والمحافظة على بيتها وأطفالها ومن اجل أن تتفرغ لعملها الأساسي ، فقد أوجب الله سبحانه وتعالى النفقة لها على الزوج حتى لا تضطر إلى ترك بيتها ، وتعريض أطفالها إلى الحرمان العاطفي ، والجفاف النفسي الذي لا يتوفر إلا بحنان الأم .
فلا تستطيع دور الحضانة أو المربيات أو خادمات ، أن تعوض على الطفل حنان أمه وعطفها . إن دور الحضانة قد تربي أطفالا أصحاء جسدياً ، ولكن الأطفال ربما يعاني أكثرهم ، من اضطربات نفسية نتيجة فقدان رعاية الأم الكافية .
أما إذا اضطرت المرأة للعمل ، وذلك لإعالة نفسها ، أو إعانة زوجها أو مساعدة أولادها ، فلا حرج عليها من أن تخرج إلى العمل الشريف مع اعتبار رضى الزوج وإذنه إذا كانت متزوجة .
لم يحرم التشريع الإسلامي المرأة من ثمرة أتعابها ، فإن المال الذي تجنيه من عملها هو ملك لها وليس لزوجها أو أبيها أو أحد من الناس . فالمال الذي جنته من أتعابها بالوجه الشرعي هو لها ، تتصرف به كيف تشاء
إن كثيراً من الناس من يستثمر جهود المرأة وثمرة أتعابها كأبيها أو زوجها أو أخيها ، فهذا الاستثمار لا يقره الضمير والوجدان ، وحتى الدين إذا كان بغير رضى منها ، إلا إذا سمحت بالعطاء . وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما جاءت إليه الصحابية السيدة ريطة بنت عبد الله بن معاوية الثقفية . وكانت ريطة امرأة ذات صنعة تبيع منها ، وليس لها ولا لزوجها ولا لولدها شيء من حطام الدنيا . فسألت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : عن النفقة عليهم فقال : ( لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم .)
مدى صلاحيات المرأة في تحمل المسؤولية :
إذا أمعنا النظر نرى ان المغرضين والدساسين ، وضعوا كثيراً من الاحاديث ، كل على حسب ميله وهواه . ليت شعري ... اين ذوي العقل والروية ؟ من كتاب الله وسنة رسوله ، بعد ان قررا ان المرأة مخلوق سوى ، لها الأهلية لأن تتحمل كل تكليف ، سواء كان من جهة الإيمان أو الاجتماع أو التعبد لله ، أو الجهاد أو الأخلاق . فهي كالرجل في مسيرة الحياة ، وعليها تبعات كل النتائج للأعمال التي تقوم بها من جهة الثواب والعقاب ، والسمعة في الدنيا والآخرة .
كيف يمكن القول .. انه لا يصح ان تتحمل المرأة مسؤولية الجزاء وهي ناقصة العقل والإدراك ... فالإسلام أرفع وأجل .
لقد قرر لها الإسلام الحق المطلق في التصرف في كل ما يدخل في يدها من مال ، مهما كان عظيم المقدار ، دون أي تدخل أو إشراف أو إذن من الرجل مهما كانت صلته بها ، إلا على سبيل المشورة ، أو المشاركة في الرأي أو النصيحة . والمرأة في الإسلام لها ان تبيع وتشتري ، وتستملك العقارات وتحوز الأموال من ال******ب الشريف ، ولها أيضاً أن تزرع وتحصد وتستدين وتدين وتهب وتقبل الهدية ، وتوصي وتأخذ الوصية « تكون وصية على القاصرين » وتؤجر وتستأجر ... الخ حسب ما يقره الشرع وتقتضيه الحكمة .
وجعل الإسلام أمرها بيدها ، في مسألة زواجها إن لم تكن قاصرة .
وكانت النساء تجادل الرسول صلي اللّه عليه و آله و سلّم ... و معناها أنها يجوز بل يحق لها المراجعة و الدفاع عن حقها .
و أوجب الإسلام على المرأة ، كل ما أوجب على الرجل من التفكير والتدبير ، في الأمور الدينية والزمنية ، وخاصة العلم والتعليم ، فهي كالرجل على قدم المساوات : ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ) [الأحزاب : 6] واعترافاً بشخصيتها في السياسة ، في أخذ النبي البيعة من النساء مستقلة عن الرجال ، ولا يصح كل هذا الفعل إلا مع فرض الأهلية التامة للمرأة